-----------------------------------------------------

لقد مررت بالعديد من المراحل الفنية التي يمر بها اي فنان في بدايته من واقعية و انطباعية وتعبيرية

وتجريد لوني . وكوني كنت في البدايات الاولى لذلك فان التجربة لم تكن ناضجة تماما . بعد الدراسة

المستمرة بدأت اعمالي تاخذ بعدا تعبيريا يعتمد اللون الواضح الصريح مع الخط القوي . اخذت اعمل بهذا

الاسلوب فترة ليست قصيرة الى ان اتجهت نحو اليجريد التعبيري وهي المرحلة الحميمة الى نفسي واحن

اليها رغم مرور حوالي عشرة سنوات على اتخاذي لها وسيلة تعبيرية

في جميع اعمالي ( تقريبا ) كان الشكل الانساني ركيزة اساسية بابعاده التكوينية , اللوني والتعبيري

حسب المرحلة او الاسلوب الذي اعمل به . اذ اجد فيه ( اي الشكل الانساني ) ضرورة موضوعية

واخرى ذاتية ( وسآتي الى شرح هذا لاحقا ) . استخدامي لبعض الادوات او الكائنات في اعمالي مثل النخلة

كان عبارة عن دراسة متكاملة لرمز واحد. هذه الدراسة _ المشروع _ كانت تهدف الى التركيز على مكانة

النخلة تاريخيا وفنيا وتعبيريا . المتتبع لاعمال النخلة يجد تعدد اساليب معالجتها وخاماتها بعكس الامور

التي عالجتها في السابق والتي كانت باسلوب واحد وخامه واحده . تعدد الاساليب هنا كان مقصودا

بحيث يخدم الغرض الاساسي الذي تحدثنا عنه

التشكيل المعاصر يعتمد على الرؤية البصرية والعقلية ويعتمد بشكل كبير وواضح على متغيرات العصر

الحديث ( كومبيوتر وفديو ) وابتعد تماما عن الشكل الفني المتعارف عليه سابقا ولا يعتمد في خلفيته

التاريخيه على ما هو معروف ب ( المدارس الفنية ) , وحتى قبل هذا حين اتجه الفن التشكيلي الى الفراغ

والارض وابتعد عن اللوحة التقليديه , الا انه كان ينتمي - بعض الشىء - الى ما سبقه

بعكس ما نراه الان

المحاولات العربيه التي تسير في هذا الاتجاه ما هي الا تقليد غير واعي لما يجري في الغرب وليس لها

خصوصية عربيه ولا جذور فنية يمكن ان تشير اليها

تجربتي بصورة عامة تدور في معضمها حول الموافقه بين الشكل الفني المتطور والمضمون وهي

بهذا لا تختلف كثيرا عن مثيلاتها في المنطقة ويمكن ان يكون لها خصوصيه البعد عن المباشرة

في طرح الهم الداخلي لما يعانيه الفنان العربي بصورة عامة والمغترب عن الوطن بصوره خاصه

كما انها تحمل في طياتها هم تطور الفنان محو الافظل من خلال تقديم تجارب في الشكل

واللون والخامه

الفنان الفلسطيني

- يختلف عن اي فنان عربي آخر كونه يعيش ظرفا يحتم عليه البقاء ضمن اطر معينه

عليه --, فان كثيرا من الفنانين الفلسطينيين وقعوا ضحية لهذا الموقف في فخ المباشرة والرمز المباشر

الذي يقترب من الملصق الاعلاني بشعاراته الرنانه والقلة من الفنانين من صمدت وتمكنت بصورة او باخرى

من الموازنة بين الفن الراقي المتطور والغرض الوطني واصبح لهذه المجموعة من الفنانين خطا واضحا

ومميزا ارتفع بها عن المباشره الضحلة وادى الهدف النضالي والفني معا . تحدثت سابقا عن الشكل

الانساني في اعمالي واعود هنا لاقول بانني خرجت عن مباشرة الشعار النضالي بتشكيلي لهذا الانسان

الذي جردته من ملامحه في معظم الاعمال رغم اختلاف معالجته التكوينيه اللونيه وظهر احيانا في بعض

الاعمال على شكل ضربات لونية حاده تفي بالغرض التكويني والموضوعي وتعطي تكاملا فنيا وملمسيا

وفي نفس الوقت عاطفيا

علاقتي بالسكين علاقة حميمة جدا ولقد بدات هذه العلاقة في اوائل الثمانينات حيث كنت حينها اقومبدراسات عن اللون

والضوء من منظور فني فيزيائي وكيميائي في نفس الوقت واخذت مني هذه الدراسات وقتا ليس بالقصير كنت

خلاله استخدم السكين لمزج الالوان ووجدت ان وضع اللون على القماشه بالسكين يختلف تماما عنه بالفرشاة

فبدات تدريجيا في اكتشاف العديد من الميزات لهذه التقنيه , كما وجدت القوة العبيرية والملمسية للسكين مما

يخدم الغرض التعبيري الذي اصبو اليه وكلما استعملتها اكثر وجدت مميزات أخر الى ان توطدت هذه العلاقه

للدرجه الحاليه . هذا لا يمنع حنيني الى الفرشاة بين فترة واخرى

في احدى مراحلي الفنية مررت بفترة تجريب متعددة الاتجاهات وكان يواكب هذه الفتره مناخ سياسي غامض

يعتمد على الخداع وعلى طروح مبهمة بالاظافة الى الحظر الفكري , مما قادني الى الوصول الى مرحله اعتبرها مهمه

جدا في تاريخي الفني , وتعتمد هذه المرحلة على خلفيه قاتمة اللون مع ضربات السكين المشرقة باللون الذي اعتمد

على دراستي السابقة له , وكانت اللوحة محملة بالعجائن اللونيةالسميكة جدا وكأنها تحمل هموم الدنيا على عاتقها

في مرحلة اخرى - شبه جرافيكية - اعتمدت الاسود والابيض لونيا وكانت تلك المرحلة تمتاز ببعد تعبيري

واضح واسميتها - وجوه منسية - وكان اعتمادي التقني فيها على الابيض بعدة درجات والاسود بعدّة درجات

وكان التظاد واضحا تماما بعكس تجربتي الحالية التي تعتمد على الابيض كأبيض بعيدا عن التضادوالالوان

الدكنة بل بالعكس هناك تجانس تام مع الخلفية المحدودة الالوان وانا اوافقك الرأي في ان بها شفافيه واضحه بحيث انه يمكنك

النظر داخل اللون لترى ما بداخله وما خلفه . اعتقد ان الصلة بين المرحلتين تكمن في الخطوط الواضحة للشكل الانساني

في كلا المرحلتين والاعتماد الواضح على الخط الذي يعطي كلا الجربتين بعدا غرافيكيا

اهوي الالوان المائية كثيرا وقد اشتغلت بها , وما زلت , ولها عندي مكانة خاصة وعلاقة حميمه لما تعطيني من الشفافية

التي افتقدها احيانا في الاعمال الاخرى . لقد اقمت عام 1992 معرضا خاصا بالالوان المائية ضم حوالي اربعين عملا

تمثل طبيعة الشارقة باسلوب تغلب عليه الانطباعية اللونيه اطلقت عليه اسم - رسالة حب الى الشارقة - وقد لاقى نجاحا

كبيرا على المستوى الاعلامي و الجماهيري

النقد لدي ليس نقدا بالمعنى الكلاسيكي للكلمة الا انني اسميه قراءة متانية لللاعمال الفنية التشكيلية تعتمد على رؤية خاصة

مع خلفية علمية عميقه تولدت من القراءات والمشاهدات المتعددة وليس لدراستي للطب علاقة من قريب او بعيد

لهذاه الرؤية

في الفترة الاخيرة بدأت في مرحلة اختزال شديد في اللون وابتعدت عن الالوان الحارة والتي كنت اضعها - احيانا - كما

هي مباشرتا من الانبوب وبدات في التركيز على لونين فقط وكان التركيز في البداية على الخط كعنصر اساسي ووحيد

تقريبا في العمل الغني ولقد انتجت في هذه المرحلة العديد من الاعمال حتى وصلت في النهاية الى البعد عن اللون والخط واصبح

التركيز على اللون الابيض بدرجاته مع بعض المتنفسات في اللوحة تظهر من خلاله , مع ظلال لمدينة متلاشية تكاد تبين

يغلب على اعمال هذه المرحلة النظرة الصوفية التي لا تخلو من بعد فكري